هذه الكلمة هي لشيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه، يقول: (الأصل في الكبائر التوبة، وليس إقامة الحد!). يعني: إن وقعت في كبيرة وربنا ستر عليك فاستر على نفسك، وتب إلى الله. فإن قال قائل: هذا ماعز جاء بنفسه إلى النبي بعدما ارتكب كبيرة الزنا، ولم تأتِ به شرطة ولا هيئة أمر بمعروف، وإنما جاء يقول للنبي: طهرني يا رسول الله! فجاء معترفاً؛ والاعتراف سيد الأدلة، فأقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال له: (ويحك! ارجع فاستغفر الله، وتب إليه)، فدل هذا على أن الأصل في الكبائر التوبة، وليس إقامة الحد. فرجع ماعز ولم يقدر، لأنها قلوب تربت على الإيمان؛ أما اليوم فأحدنا يركب الحافلة العامة، وتراه يقطع السفنج، أو يسرق حديدة أو يسرق مسنداً ويقول لك: هذا مال سائب! وآخر يذهب إلى الوظيفة فيقعد ساعة ويعود، ويقول لك: على قدر فلوسهم! سبحان الله! فانظر الفرق الكبير؟! فـماعز رجع مرة ثانية وقال: (يا رسول الله! طهرني) فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم مرة ثانية: (ويحك! ارجع فاستغفر الله، وتب إليه) فيرجع ماعز ثم يجيء في اليوم التالي ويقول: (يا رسول الله! طهرني). فيقول له: (ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه) ويرجع ماعز وهو مصر على قوله، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أبه جنون؟! قالوا: لا، يا رسول! فقال: هل شرب خمراً؟ فقام واحد من الصحابة فاستنكهه فلم يجد منه رائحة الخمر، فأمر النبي عليه الصلاة والسلام بإقامة الحد عليه). فلما وصل الأمر إلى ولي الأمر واعترف بهذه الصورة أقيم عليه الحد. ومن أعجب ما قرأت أنه جاء بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لقد هرب يا رسول الله ونحن نرجمه. فقال المصطفى: (هلا تركتموه؟!) يا سبحان الله! انظر إلى عظمة هذا الدين! فإذا منّ الله عليك بأنك تستطيع أن تغير المنكر بيدك بدون مفاسد فغير، ولكن بالضوابط، فإذا لم تستطع فغير بلسانك بكلمة طيبة رقيقة، فإذا لقيت واحداً في معصية فذكره بالله، وذكره بالجنة والنار. وأنا أريد أن أقول: جل الناس في قلبوهم الخير يا إخواننا! والله ما من مكان نتحرك إليه إلا ونرى الخير، وما من مكان نذهب إليه إلا نرى الشباب قبل الشيبان يتسابقون إلى الرحمن، والله إننا نجد آلافاً مؤلفة من الشباب يحضرون بين أيدينا في كل مكان نذهب إليه، بل يحضر عشرات الآلاف بدون مبالغة؛ فالناس مقبلة على الله، والناس ملوا من المعاصي والذنوب، وملوا من الكذب والدجل السياسي والإعلامي، وأصبح الناس يريدون أن يرجعوا إلى الله. فهل يرجعهم غيركم أيها الدعاة؟! القاعدة لو بقيت كلها مسلمة لصلحت أحوال الأمة؛ وتصور لو أن الغالبية في مصر أسلمت لله إسلاماً حقيقياً، وأذعنت وانقادت وآمنت، فإن الحكومة التي نريد أن تطبق فينا شرع الله لن تأتي من المريخ، وإنما تأتي من هذه القاعدة، فإذا كانت القاعدة تقول: إسلام، فلا حاكم على ظهر الأرض يستطيع أن يقول: لا، أنا أريد أن أحافظ على الكرسي، فإذا كانت القاعدة تريد إسلاماً فسيكون إسلاماً، ومن تعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه، فإذا لم تقدر أن تغير بلسانك فغير بقلبك.